يوميات ساخرة عن جنون حياتنا ومفارقاتها

٤/١٢/١٤٢٥

تعاريف شائعة



تسري على ألسنة الناس ومنذ مدة طويلة مجموعة طريفة من التعاريف التي يطلقونها على بعضهم البعض والتي تعتبر من التصنيفات التي نصنف فيها بعضنا وفيها أحيانا من الطرافة الساخرة ما يجعلني أحاول إيجاز بعضها باختصار:

علماني
وهو الشخص الذي يعتبر ثقافته الدينية أكثر ضحالة من ثقافته العلمية

ليبرالي
المثقف أو المتثاقف الذي يكره كل ما يمت للدين بصلة ويحاول جاهدا وبكل الوسائل مهاجمة كل المقدسات والحرمات ويهدف للتحلل من كل شي

انبطاحي
وصف للذي أنهى مرحلة الركوع ووصل لمرحلة الانبطاح ويحاول أن يحفر لرأسه ورقبته حفرة حتى يصبح مثل النعامة

زئبقي
وهو العلماني مع العلمانيين، والليبرالي مع الليبراليين، والسلفي مع السلفيين، مع الحكومة عندما تكون منتصرة ومع المعارضة عندما تسقط الحكومة .. يلبس لكل حالة لبوسها ولديه خبرة في النفاق والرياء والتملق وغيرها من المميزات العصرية

سلفي
وهو الذي يدعي أنه يتبع السلف ولكن لو قارن أعماله بأعمال السلف لعرف مستواه بالمقارنة بهم ولكن للأسف فإن هذه المقارنة لا تحصل إلا لمن رحم الله!!

إخواني
يتبع فصيل الاخوان المسلمين ولكنه على الأغلب لم يقرأ لهم ولا سمع بمؤلفيهم ولا الزعماء الروحيين لهم على مدى السنوات ولكنه يستفيد من المزايا والتسهيلات الحياتية التي يحرمها عدوه السلفي فهناك التساهل في الكثير من الأمور التي تعتبر خلافية في الدين ويحرمها غيره بدون تفكير.

تكنوقراطي
مصطلح يطلق على الجيل الجديد من المتعلمين لدى الغرب والذين عادوا لأوطانهم ويحاولون جهدهم لنسخ المساوئ التي يعج بها العالم الغربي حتى نستفيد منها في عالمنا العربي .. أما عن نسخ المحاسن فهذا لا يقع ضمن تخصصهم!

راديكالي
الذي لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب ولا حتى في رمضان!!

إرهابي
قد يكون من المناضلين في سبيل تحرير أرضه والحفاظ على كرامته وشرف عائلته وقد يكون قاتلا سفاحا لا يحسب حسابا للدم المراق ولا يرتاح إلا بقتل الأبرياء أو تفجير نفسه في سبيل ذلك.

ديمقراطي
مصطلح يطلق على تطبيق شريعة الغاب للوصول إلى مدينة أفلاطون الفاضلة!!

برجوازي
يطلق على كل (دقة قديمة) حتى لو كان محافظا على دينه وعلمه وحافظا لعائلته من مفاسد هذا العصر.

القاعدة
قال الشاعر أحمد مطر: "بدعة عند ولاة الأمر صارت قاعدة
كلهم يشتم أمريكا
وأمريكا، إذا ما نهضوا للشتم، تبقى قاعدة
فإذا ما قعدوا، تنهض أمريكا لتبني قاعدة"




٤/١١/١٤٢٥

إيقاظ الفتنة



"الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها"

كيف ينام من يضع دماء الناس في عنقه ويحلل قتل الأبرياء ويعتبره من شعائر دينه ويتناسى كل ما قاله الإسلام عن تحريم قتل النفس إلا بالحق وأنه لا تزر وازرة وزر أخرى وعن حقوق الذميين والمعاهدين؟ كيف يهنأ بالعيش من يسعى لحرمان الناس من أمن عاشوا فيه سنينا عديدة ونعموا في ظله وكان الناس يحسدونهم على هذا الأمان الذي يعيشون فيه؟ خذ من حياة الناس الأمان فماذا ستكون النتيجة؟

اللهم الطف بعبادك وأعذنا من الهرج والمرج

٤/٠٧/١٤٢٥

عبدالرحمن منيف



سمعت كثيرا عن الكاتب السعودي عبدالرحمن منيف وخصوصا بعد وفاته المعاصرة .. ولكنني لم أقرأ له شيئا، ولذلك فقد شعرت ببعض الحماس عندما أهداني أحد الأصدقاء كتابه (بين الثقافة والسياسة) ولا بد من أن أذكر أن أسلوبه جميل ومشوق ومفرداته بسيطة وتعابيره واضحة إضافة إلى أن القارئ لا يشعر بالملل عند قراءة كلماته فهي تدخل مباشرة للقلب بدون استئذان أو قواميس لغوية. ولكن كتابه هذا الذي بين يدي أشبه ما يكون بـ (سوالف) بصوت عالِ !! نعم .. إنه يتكلم عن وضع الثقافة والسياسة في عالمنا العربي والعالمي ويذكر المشكلات التي تمر بها العلاقة بين الاثنين بشكل جميل وواقعي جدا .. ولكنه لا يقدم حلولا عملية تذكر!! فالحلول التي يقترحها بعيدة عن الواقع وصعبة التطبيق وتحتاج لأن نغير نفسياتنا جميعا حتى يمكننا القبول بها والتعايش بشكل ممتاز ما بين الثقافة الواعية والسياسة الحكيمة .. إنه كتاب يمكنني أن أصفه بأنه الحاضر المؤلم بمفردات تعبيرية وجمل ممتازة السبك والصف .. كتاب يصف أحوالنا بمنتهى الدقة ويثير فيك الحنق على هذه الأحوال .. ولكنه من الصعب أن يقدم لك حلولا ممكنة التحقيق .. لا أدري لماذا لا يمكننا تحقيقها فالأسباب لا يتسع المجال لذكرها ولكنني أزداد اقتناعا يوما بعد يوم بأن العالم الحالي لا يمكن إصلاحه وأتمنى من الله أن يبتلي الأرض بطوفان ثان مثل طوفان نوح يغسل عنها أوزارها ويزيح عن كاهلها هذه الكائنات التي تفسد فيها ويتيح الله المجال لخلق جديد أتمنى أن لا يعيد ما صنعناه وأن يتعلم من أخطائنا وتجاربنا الفاشلة في هذه المعمورة (إن صح هذا التعبير)!.

٤/٠٤/١٤٢٥

دنيا حظوظ



يروي لي أحد الزملاء في الشركة، -وهو مثلي من ذوي الحظوظ السيئة في دنيا المسابقات والجوائز- عن معاناته مع هذا الحظ السيئ، وعن مشاركته مئات المرات في مختلف أنواع المسابقات التي تجريها المعارض والمهرجانات وحتى محطات الوقود ولم يحالفه الحظ ولا في أي منها بأي جائزة مهما كانت تافهة!! وفي معرض حديثنا المشترك عن هذه اللعنة الفرعونية المتأصلة على ما يبدو فيه وفيني، فقد ذكر لي قصة أرويها لكم باختصار...

رزق صديق له بمولود، وأسماه (جبريل) .. وفي نفس الليلة التي ولد فيها جبريل .. اشترك الأب بمسابقة في إحدى المجمعات التجارية بقسيمة كتب عليها اسم مولوده الجديد .. وكانت النتيجة أن فاز الأب بالجائزة الكبرى وهي عبارة عن سيارة!!!

هل كان هذا الحظ هو حظ الأب أم حظ المولود الجديد الذي قدم لهذه الدنيا بحظ وافر على ما يبدو؟ وما تفسير هذا التباين الشديد بين الحظوظ؟ لقد سمعت وآمنت بالحديث القدسي الذي لا أعلم مدى صحته ولكني آمنت بمدى صدقه وانطباقه على الحياة .. يقول الحديث القدسي: (إن من عبادي من لو أغنيته لأضرّ به ذلك، وإن من عبادي من لو أفقرته لأضرّ به ذلك) وأظن نفسي من الصنف الأول!! فلماذا يعاندني الحظ والقدر في معظم الأحيان دون سبب ظاهر؟ ولماذا يأتي الحظ لمن لم يسع له ولا يحتاجه أحيانا ويفر من محتاجيه فراره من الأسد؟ الله وحده أعلم.

آه .. دنيا .. حظوظ!!

٤/٠٣/١٤٢٥

نظرية المؤامرة



أنا من أشد المؤمنين بنظرية المؤامرة .. نعم .. الأمور ليست كما تبدو لنا وليس المسؤول دائما عن أي حدث هو بالضرورة المسؤول الفعلي عنه .. ولكن الأمثلة أكثر من أن تحصر .. والأسئلة أعظم من أن تجاب .. ولكي أدع لتفكيركم مهمة الوصول إلى الحقيقة فإنني أطرح لكم هذه الحقيقة وتفكروا فيها وطبقوها على كل ما ترون أو تسمعون من أحداث يومية:

"إن المسؤول الحقيقي عن أي مشكلة أو حدث سواءا محليا كان أو عالميا .. هو الشخص أو الجهة الأكثر فائدة من حصول هذا الحدث"

وعلى سبيل المثال: من المستفيد الأكبر من هجهمات 11 سبتمبر على أمريكا؟
الجواب:
1. هل هو ذلك القابع في مغاور تورابورا والمطارد في صحاري الأرض؟
2. أم هي الحكومة التي أصبحت بفضل هذه الهجمات الأقوى على الأرض والأكثر تحكما وسيطرة وتكبرا واستكبارا في الأرض؟ والأكثر قوة وميزانية وتسلحا ودفاعا وهجوما على كل من تسول له نفسه التفكير في مهاجمة أمنها؟

مثال آخر: من المستفيد الأكبر من الهجمات الإرهابية في المملكة العربية السعودية؟
1. هل هم أولئك الشباب الأغرار المخدوعون ذوي المفاهيم الضحلة للإسلام والأهداف المائعة والمتحورة والمضللة؟
2. أم هي الدولة التي حظيت بالتفاف شعبها حولها بعد أن كان هذا الشعب في تباعد مستمر وانتقادات متزايدة؟
3. أم هي الدولة التي تحاول أن تهاجم الإسلام والمسلمين وتتخذ لذلك أية ذريعة تكون وترغب في إرساء أقدامها في أكبر الدول النفطية في المنطقة والتحكم في منابع النفط وتعكير صفو أي دولة مجاورة تفكر في معاداتها؟

أسئلة كثيرة، والأمثلة أكثر .. ويظل السؤال: من هو المستفيد الأكبر؟ أهو الإسلام؟ أم أعداء الإسلام؟

عندما نعرف الجواب، نكون وضعنا أرجلنا على بداية الطريق .. فقط على بدايته.

٣/٢٩/١٤٢٥

مصطلحات



"شجب بشدة"
"أعلن إدانته"
"أدان واستنكر"
"طالب بوقف"
"مستاء"
"طالب بضبط النفس"
"العودة إلى طاولة المفاوضات"
"..."

وغيرها من المصطلحات الرخيصة .. نعم إنها رخيصة .. لأنها الرد الوحيد على سفك الدماء الغالية، والمواجهة الوحيدة التي يقوم بها العالم أجمع في وجه ما تقوم به دولة العصابات الصهيونية في فلسطين المحتلة .. بينما تصل المصطلحات لحد "التهديد باستخدام القوة" ضد الحكومة السودانية إن لم توقف استهداف (المدنيين) في دارفور!!! أي تناقض وأي استخفاف واستحقار لكافة العرب والمسلمين .. فالقوة لا تصلح إلا لمواجهة الضعيف .. بينما لا يواجه القوي إلا بالمصطلحات الرخيصة .. والله لن يحترمنا أحد مالم نفرض احترامنا بالقوة .. لأن شريعة الغاب التي نعيش بها في هذه الأيام لا تعترف إلا بمنطق القوة .. ومصطلحات القوي.

لا أقول إلا "لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد" فلا يفل الحديد إلا الحديد، وإن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب، والدنيا تؤخذ غلابا، وغيرها من الحكم التي نؤثر تخزينها في كتب تاريخنا ... ونستبدل بها كل مصطلحات الذلة والخضوع والخنوع، يا أمة صرخ الحضيض بها لتوقف الحفر فلن يكون أدنى من ما وصلت إليه .. اللهم أحينا ما علمت الحياة خيرا لنا، وأمتنا ما علمت الموت خيرا لنا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

"أنا لو كنت رئيسا عربيا
لحللت المشكلة،
وأرحت الشعب مما أثقله..
أنا لو كنت رئيسا عربيا
لدعوت الرؤساء
ولألقيت خطابا موجزا،
عما يعاني شعبنا منه
وعن سر العناء..
ولقاطعت جميع الأسئلة..
وقرأت البسملة..
وعليهم وعلى نفسي،
.. قذفت القنبلة"
..................أحمد مطر

٣/٢٦/١٤٢٥

خدمة الأعداء



أنا لست أحد العلماء المتبحرين المتفقهين العالمين بكل صغيرة وكبيرة من أمور الدين الإسلامي .. أنا شخص عادي لديه بعض الإلمام بمبادئ هذا الدين العظيم وأعرف تمام المعرفة أن الدين الإسلامي بعكس الاديان الأخرى، يتميز بالسهولة واليسر في أحكامه حتى أن الجميع يفهمونه ويدركونه بفطرتهم السليمة وبدون التبحر في علومه وأحكامه. هذا الدين الذي أتى للناس جميعا في كل الأزمنة والأمكنة .. لجميع العصور ولكافة الأجناس البشرية .. قال على لسان رسوله الكريم (وما أرسلناك إلا رحمة للناس) وجاء في مطلع كل سورة من سور القرآن كلمة (الرحمن الرحيم) ولم ترد أسماء أخرى من أسماء الله تعالى مثل (شديد العقاب) أو (العزيز الجبار المنتقم) وغيرها من أسماءه الكريمة المقدسة .. هذا المنطق الرحيم هو الذي يخفى على كثير من الناس ممن يدّعون الانتساب لهذا الدين وقد يكونون ممن يدّعون الحفاظ عليه والدفاع عنه.

أصبت بصدمة شديدة اليوم عندما وصل إلي عن طريق البريد الالكتروني ملف الفيديو الذي يصور كيف تذبح الإنسانية على يد من يدعون الإسلام .. فمن يدعو نفسه بأبي مصعب الزرقاوي ويدعي الغيرة على حرمات الإسلام والجهاد في سبيله .. يذبح كالغنم إنسانا له روح وكيان .. إنسانا كرمه الله على الحيوانات ولكنه باسم الاسلام يذبح كالحيوانات وعلى مذبح الشر والإجرام .. تحت إسم الإسلام والإسلام من كل ذلك براء. والله لقد اقشعر جسدي ولم أستطع أن أشاهد المقطع مرة ثانية بل وقمت بمسحه مباشرة من جهازي كأني لا أستطيع أن أتحمل وزر الاحتفاظ به فكيف بمن باء بوزر القيام بهذه الجريمة الشنعاء؟ إن ما يثير غضبي وحيرتي في نفس الوقت هو طريقة الاستنباط والاستنتاج التي يظهرها من يقومون على هذه الجريمة باستشهادهم بما قام به الرسول عليه الصلاة والسلام بعد غزوة بدر من قطع أعناق بعض الكفار ويتناسون الحقائق التاريخية والإسلامية التالية:

1. إن الرسول صلى الله عليه وسلم قطع أعناق جنود محاربين قدموا بنية القتال وقتل المسلمين وذلك في أول غزوة بين الإسلام والكفر.
2. كان الإسلام في ذلك الزمان غضا طريا وكان من الضروري القيام ببعض العمليات القاسية ضد أعداءه حتى لا يقوموا بالاعتداء عليه.
3. طريقة ضرب الأعناق في الإسلام طريقة فيها رحمة وهي ضربة بالسيف وليس فيها التعذيب الذي نراه في التسجيل والذي ذبح فيه الإنسان بسكين عادية واجتزت عنقه ببطئ وهو مستلق على جنبه كالحيوانات.
4. لم يأمر عليه الصلاة والسلام بالقيام بمثل هذه التصرفات الهمجية ضد المدنيين بل كان حتى المحارب يؤمّن على نفسه في حال نطقه بالشهادتين .. (أوشققت عن قلبه؟) حديث معروف جعل الرسول عليه السلام يغضب عندما قتل مسلم كافرا محاربا مسلحا بعد أن نطق الشهادتين!! وكأنه عليه السلام كان يأمر بالكف عن دمه بعد أن نطق الشهادتين وتركه لله عز وجل ليحكم فيه لأنه أخبر بسريرته. فكيف بقتل مدني مسالم أعزل لم يرفع سلاحا في وجه المسلمين؟

والله إني بمعرفتي الفطرية للإسلام أجزم أن مايقوم به هؤلاء الأدعياء لا يرضي الله تعالى ولا رسوله .. وأنهم بفهمهم السقيم للإسلام ونصوصه يجنون على هذا الدين وعلى هذه الأمة ويسدون خدمة جلى لأعداء الدين وينفرون الناس من الإسلام ويكرهونهم به وويل له من الله يوم لا ينفع مال ولا بنون! اللهم إنا نعوذ بك من الضلالة بعد الهدى ونعوذ بك أن نحمل أوزار غيرنا ودماءهم ونسألك أن تكفينا شرور المجرمين وتنصر دينك الحق على كل الحاقدين والكائدين .. اللهم آمين.

٣/٢٤/١٤٢٥

الغول والعنقاء



والخل الوفي .. هذه ثلاثية المستحيلات منذ قديم الزمان .. وبما أننا لم نر أي غول أو عنقاء (ربما غير الغول في فلم شريك) فإننا سنجزم باستحالة وجودها .. ولكن ماذا عن صحة الثالثة؟ الخل الوفي؟؟ هل نستطيع الجزم باستحالة وجود الخل الوفي؟ وما الذي دعا أول من اكتشف هذه الثلاثية المستحيلة أن يضم الخل الوفي لها؟ هل كان ممن صدم بمعرفة الناس ولم يحظ بخل وفي طوال عمره فقال هذه المقولة؟ وهل من الممكن أن يكون وفاء الخل صعبا لدرجة أن مقولة كهذه تبقى مع تقادم العصور والأزمان ولا يأتي من يفندها أو يثبت عدم صحتها؟

الخل الوفي .. دائما تتبعها تنهيدة صادرة من الأعماق .. لمعرفتنا بصعوبة وجود هذا الخل .. وأنا أقول الخِلّ بكسر الخاء حتى لا يصل بعض القراء إلى النهاية وهم يعتقدون أنني أتكلم عن الخَلّ بالفتح والذي يعتبر من الأحماض ... الخِلّ الوفي هو الصديق الصدوق المخلص في صداقته ووفائه ولا يبتغي مقابلها أي عرض من الدنيا ولا تشوب صداقته أي مصلحة شخصية .. الصديق الذي يحتوي العديد من الصفات الجميلة والتي تجعل وجوده يقارب المستحيل .. فهل تتفقون معي أم تخالفونني؟

بعض الذي يتفقون معي .. لديهم مواصفات عالية للصداقة تتفق مع كل الأحلام الجميلة عن الصديق المخلص الوفي .. مواصفات لم توجد في كل من حولهم .. قد يوجد بعضها ونادرا معظمها في شخص ما ولكن لا توجد كلها في انسان واحد .. هؤلاء هم الذين يدركون صعوبة وجود الصديق الوفي لأنهم لا يرونه في من حولهم .. ولكن سؤالي لهم .. هل يرونه في أنفسهم؟

أما الذين يخالفونني في الرأي فهم مغرقون في التفاؤل .. يقولون دائما أنهم محاطون بالأصدقاء الأوفياء المخلصين .. وأن الخل الوفي موجود في حياتهم ولديهم من البراهين والإثباتات ما يملأ سمعك وبصرك وأحاسيسك .. ولهؤلاء فإنني أذكر مقولة أحد الحكماء الذي أعطى اختبارين يجب علينا استخدامهما لمعرفة درجة صداقة من حولنا .. الاختبار الأول هو التعامل معهم في الأمور المالية .. والاختبار الثاني هو السفر معهم .. فهذان الاختباران يكفيان لمعرفة الشخص حق المعرفة لأنهما يعزفان على وترين حساسين من أوتار الطبيعة الإنسانية .. الطمع والتعامل مع الشدائد .. ومهما تغزل المتغزلون في وفاء أصحابهم وأصدقائهم ... فإذا لم يختبروهم حتى الآن في هذين الاختبارين فلا يمكنهم الحكم عليهم بأنهم ضمن خانة (الخل الوفي) فربما يعني هذا حكمنا بوجود الغول والعنقاء على حد سواء.

٣/٢٣/١٤٢٥

في عيون العجائب



أليس من العجيب أنه في زمن الحرية وحقوق الإنسان، تكون الكلمة هي أكثر مسببات المصائب لقائلها؟ أليس من العجيب أن يحاسب الإنسان على كلمة قالها أو رأي أبداه أو حتى تعاطف كلامي مع أناس يعتبرون مخطئين في وجهة نظر بعض البشر؟ أليس من العجيب أن يحاسب الناس على ما يقولونه بشكل مماثل على محاسبتهم على ما يفعلونه؟ أسأل الله أن لا يتم اختراع جهاز يترجم الأفكار والعواطف حتى لا نرى يوما نحاسب فيه حتى على تعاطفنا مع المظلومين والمسحوقين.

أليس من العجيب أن يصل العدل على مركبة الظلم والعسف؟ أليس من العجيب أن توصف الحرية بأنها القدرة على تقييد وتكميم البشر؟ أليس من العجيب وصفنا بالخروج والمروق والإرهاب لكل من يخالفنا الرأي؟

أليس من العجيب سعينا لإرضاء كل الناس مع استحالة ذلك تماما؟ أليس من العجيب تحول الدين الذي يأمر بالدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة وبحفظ الأنفس والأموال وكل أشكال الحياة إلى دين الإرهاب والعنف والقتل وإراقة الدماء؟

كأني بزماننا يتمثل قول أبي الطيب:
إليّ لعمري قصد كل عجيبة .. كأني عجيب في عيون العجائب

عجبي!!!

زراعة البغضاء



أعجبني الوصف الذي أطلقه محرر نادي الجاحظ في أحد المجلات العربية على أمريكا باسم (الويلات المتحدة) فهذا الوصف ينطبق عليها بشكل لا يدع مجالا للشك أو الجدال .. فلم يحصل العالم من وراء الويلات المتحدة ومن يقف ورائها من يهود العالم إلا الخراب والدمار .. إنهم يزرعون الحقد والكراهية في نفوس العالم أجمعين بتبجحهم وبعدهم عن العدل وكيلهم بمكاييل متعددة وحرصهم أولا وأخيرا على مصالحهم حتى ولو رأوا العالم ينحدر نحو الهاوية .. فكل همهم مصالحهم .. وكل همنا إرضائهم ومهادنتهم .. ولو قرأنا وفهمنا قول الله تعالى (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) لعلمنا أن كل جهودنا لإرضائهم ستذهب أدراج الرياح لأنهم لا يعرفون إلا مصالحهم .. إن ما يقومون به في كل أنحاء العالم سيودي بالحضارة والعدل والإنسانية إلى أسفل سافلين .. وإن لم يتنبه العالم الغربي قبل العربي إلى خطورة وجنون هذا المارد الذي أخرجه النظام الصهيوني من قمقمه إلى الوجود ليركب على ظهره ويقود العالم إلى الخراب .. أقول إن لم نتنبه إلى هذا الخطر فسوف نرى أحوالا أسوأ بكثير مما نراه الآن .. فيكفينا أن شريعة الغاب هي التي تسود الآن .. وأن البقاء للأقوى لا للأصلح .. وأن العدل هو صفة نطلقها على كل ما يصنعه القوي .. والظلم هو كل ما يصنعه الضعيف .. ويكفينا أن الموازين انقلبت وأن مقاومة الاستعمار والاحتلال صارت إرهابا .. وكره من يظلمنا أصبح ممنوعا .. بل يجب علينا أن نقبل اليد التي تصفعنا .. وندير لها الخد الآخر .. ونشجع الاحتلال لأنه طريقنا للحرية .. ونحب كل من يظلمنا لأنه أدرى بصالحنا منا .. وننسا ديننا لأنه يحرضنا على الإرهاب .. ونتحرر من كل المثل والأخلاق لأنها قيود بالية لا تحتملها الحرية الحمراء .. والكثير الكثير من المتطلبات التي إن لم تقلها الويلات المتحدة صراحة .. فهي تقولها ضمنا .. وإن لم تصرح بها بلسان المقال فهي واضحة بلسان الحال .. ولم يبق لنا إلا قليل من الزمن حتى يصبح القابض على دينه كالقابض على جمر .. ويفضل أحدنا أن يعض على جذع شجرة حتى يتوفاه الله بدل أن يطالع أحوال الإنسانية التي صارت الحيوانية أجمل منها وأكثر تحضرا وعدلا. وياظالم لك يوم.

٣/٢٢/١٤٢٥

صراع الديكة



أسعد الله أوقاتك يا من تقرأ هذه السطور .. قد تكون تعرفني وأعرفك وقد لا تكون .. ولكن من المؤكد أن وجودك هنا وقراءتك هذه السطور يعني أحد أمرين ..إما كونك أحد القلائل الذين يعرفون عن هذه الصفحة .. أو أنك غريب تسوح في أرض (الانترنت) الواسعة .. وفي حال كنت أيا من هؤلاء فمرحبا بك.

أبدأ يومي كل صباح بتصفح بعض المواقع الإخبارية على شبكة الانترنت .. حيث نادرا ما أشتري الصحف لأنني أرى أنها لا تساوي ما أدفعه فيها .. فهي تصيبني بالهم والغم والنكد وبالغثيان أحيانا .. فلم أفضل أن أبتاع هذه المصائب بالمال !!

يلفت نظري في ما أقرأه يوميا .. المشاكسات والمناكسات التي قد تصل إلى حروب بويلات وكلمات تناطح كلمات .. أناس يحبون أن يثيروا المشكلات سواء كانوا ليبراليين يشاكسون إسلاميين .. أو متحررين يتعاركون مع متشددين .. أو جنس لطيف يحارب كي لا يوصف باللطف وكي يحظى بكافة حقوقه التي كفلها لها دستور حمورابي .. أجد أناسا لا هم لهم إلا الكتابة في الأمور المشكلة والتي لم يتفق عليها اثنان في الدنيا وذلك لكي تنشأ مشكلة من كتاباتهم ويصلوا لغاية في أنفسهم لا يعلمها حتى يعقوب!! أتسائل في كل مرة أقرأ مثل هذه المواضيع .. ألن يكبر هؤلاء الناس أبدا؟ ألن يعرفوا أن السكوت من ذهب وأن أوضاع أمتنا تحتم عليها أن نتفق ونكتفي من الخلافات التي مزقتنا بدءا من نهاية الخلافة الراشدة وحتى عصرنا هذا؟ ما الذي يجنيه هؤلاء من خلافاتهم مع أضدادهم؟ وماالفائدة التي أجنيها من كتابتي إذا لم تحسب لي ولكن علي يوم وقوفي أمام الله؟

متى نرى وعيا ثقافيا يسمو فوق الرغبة في الشهرة أو إثبات الذات حتى لو كانت الشهرة أو الذات مزيفتين .. متى يكف من يدعون الكتابة عن حروبهم الكلامية وفقاعاتهم اللفظية التي لا تلبث أن تتلاشى .. دائما كنت أؤمن بالمثل الأجنبي الجميل الذي تقول ترجمته:

الذكاء مثل النهر ..
كلما ازداد عمقه ..
كلما خف ضجيجه.

فمتى يخف ضجيجنا؟

٣/٢٠/١٤٢٥

اليابانيون العرب


من الذي قال أننا نحاول أن نقلد الغرب في كل شيء؟ فنحن إضافة إلى ذلك نحاول تقليد الشرق أيضا ... نعم نحن من الشرق ولكننا من الدرجة العاشرة في هذا الشرق .. وهذه الدرجة تقلد الدرجة الأولى والتي أعتبرها (اليابان) .. كيف ذلك؟ ببساطة شديدة سأعرض مثالين بسيطين على أساليب إدارة الشركات وتعاملها مع الموظفين في اليابان .. وفي دول العالم العاشر لدينا.

في اليابان .. يمكننا تلخيص سياستهم في التعامل مع الموظف بالشكل التالي: لن نغري الموظف بالانضمام إلينا ولكن من ينضم فسوف نغريه بالبقاء .. فلا توجد رواتب أساسية تدخل أرقامها في الخانات الفلكية ولا مزايا تقارب مزايا مهراجات الهند ولكن هناك الراحة النفسية بعد انضمام الموظف لعائلته في الشركة.. نعم أكرر كلمة عائلته .. فهناك يعتبر الجميع أنفسهم في عائلتهم الثانية .. حيث ترعى الشركة جميع حاجات موظفيها وتسعى إلى راحتهم النفسية والتعامل معهم بأسلوم يحببهم في البقاء لأطول وقت ممكن في أروقتها وبذل كل ما يستطيعون من جهد لإنجاح الأعمال المنوطة بهم .. ويحظى أفراد هذه العائلة على جزء من الأسهم الاستثمارية في هذه الشركة حتى يعرفوا أن ربحية الشركة ستعود عليهم بالمنفعة .. كل هذا غيض من فيض من المزايا التي نحاول بقدر الإمكان تقليدها ..

هذا يعود بي للمثال الذي جعلني أكتب هذه اليومية .. فرئيس الشركة التي أعمل بها يحرص على اتباع النظم اليابانية في تعاملاته مع الموظفين وإليكم المثال الحي:

أحد المدراء التنفيذيين والذي يعتبر من الشخصيات الثانية بعد رئيس الشركة .. أصيبت سيارته في حادث مروري بدون خطأ منه .. وأخبرته شركة التأمين بأنه يمكنه إصلاح السيارة في المكان الذي يرغبه وإحضار فواتير تكلفة الإصلاح حتى يعوضوه عن ما دفعه .. ولكن يبدوا أن السيولة النقدية لم تسعف المدير التنفيذي في هذا الوقت فاستعان بخطاب أرسله لرئيس الشركة طالبا منه القيام بدفع رسوم إصلاح سيارته والتي هي بالطبع سيارة الشركة .. واستيفاء ما سيدفع لاحقا من شركة التأمين .. عملية بسيطة وليس فيها أي خسارة من أي نوع .. فماذا كان رد الرئيس؟ كان استفساره كالتالي: كيف يأتي هذا المدير التنفيذي للعمل إذا كانت سيارته لا تعمل؟ هل استأجر سيارة وتقوم الشركة بدفع نفقات استئجارها حتى يتم إصلاح سيارته؟؟؟؟؟؟؟

رئيس عام لشركة رأس مالها بعشرات الملايين .. يتسائل عن ما إذا كان مديره التنفيذي والذي يتقاضى راتبا بعشرات الآلاف يستأجر سيارته على حساب الشركة أم على حسابه الشخصي .. ويؤخر معاملة إصلاح السيارة بناء على هذا السؤال الذكي والذي يهمه منه أن يقوم بتوفير بضع مئات .. وهو لا يعلم بأنه قد خسر ولاء هذا المدير وخسر ثقته وحبه لعمله .. فإذا كان رئيسي المباشر لا يهتم إلا بما يوفر عليه القليل ويتناسى الكثير الكثير مما يقدم لإنجاح عمله وتجارته .. فكيف تتخيل أن تكون نظرة المدير التنفيذي لمثل هذا الرئيس؟

للأسف الشديد فإن الشركات التي تطبق النظام الياباني في التعامل مع الموظفين هي أقل من القليل .. وأندر من الندرة .. ويمكنني أن أقول أنها بعدد بيض الصعو .. أو بعدد العصافير التي تُحلب ويشرب لبنها .. فمتى نصبح على طريق التقدم الذي وصلوا إليه أولا وأخيرا بأخلاقهم وإنسانيتهم التي يحثنا عليها ديننا وأخذوها هم وطبقوها ونسيناها نحن واتبعناهم في كل ما عداها من المساوئ والمثالب .. (حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه) فمتى ندخل جحر التقدم بدلا من دخولنا جحور التخلف والانحطاط؟