يوميات ساخرة عن جنون حياتنا ومفارقاتها

٣/٢٦/١٤٢٥

خدمة الأعداء



أنا لست أحد العلماء المتبحرين المتفقهين العالمين بكل صغيرة وكبيرة من أمور الدين الإسلامي .. أنا شخص عادي لديه بعض الإلمام بمبادئ هذا الدين العظيم وأعرف تمام المعرفة أن الدين الإسلامي بعكس الاديان الأخرى، يتميز بالسهولة واليسر في أحكامه حتى أن الجميع يفهمونه ويدركونه بفطرتهم السليمة وبدون التبحر في علومه وأحكامه. هذا الدين الذي أتى للناس جميعا في كل الأزمنة والأمكنة .. لجميع العصور ولكافة الأجناس البشرية .. قال على لسان رسوله الكريم (وما أرسلناك إلا رحمة للناس) وجاء في مطلع كل سورة من سور القرآن كلمة (الرحمن الرحيم) ولم ترد أسماء أخرى من أسماء الله تعالى مثل (شديد العقاب) أو (العزيز الجبار المنتقم) وغيرها من أسماءه الكريمة المقدسة .. هذا المنطق الرحيم هو الذي يخفى على كثير من الناس ممن يدّعون الانتساب لهذا الدين وقد يكونون ممن يدّعون الحفاظ عليه والدفاع عنه.

أصبت بصدمة شديدة اليوم عندما وصل إلي عن طريق البريد الالكتروني ملف الفيديو الذي يصور كيف تذبح الإنسانية على يد من يدعون الإسلام .. فمن يدعو نفسه بأبي مصعب الزرقاوي ويدعي الغيرة على حرمات الإسلام والجهاد في سبيله .. يذبح كالغنم إنسانا له روح وكيان .. إنسانا كرمه الله على الحيوانات ولكنه باسم الاسلام يذبح كالحيوانات وعلى مذبح الشر والإجرام .. تحت إسم الإسلام والإسلام من كل ذلك براء. والله لقد اقشعر جسدي ولم أستطع أن أشاهد المقطع مرة ثانية بل وقمت بمسحه مباشرة من جهازي كأني لا أستطيع أن أتحمل وزر الاحتفاظ به فكيف بمن باء بوزر القيام بهذه الجريمة الشنعاء؟ إن ما يثير غضبي وحيرتي في نفس الوقت هو طريقة الاستنباط والاستنتاج التي يظهرها من يقومون على هذه الجريمة باستشهادهم بما قام به الرسول عليه الصلاة والسلام بعد غزوة بدر من قطع أعناق بعض الكفار ويتناسون الحقائق التاريخية والإسلامية التالية:

1. إن الرسول صلى الله عليه وسلم قطع أعناق جنود محاربين قدموا بنية القتال وقتل المسلمين وذلك في أول غزوة بين الإسلام والكفر.
2. كان الإسلام في ذلك الزمان غضا طريا وكان من الضروري القيام ببعض العمليات القاسية ضد أعداءه حتى لا يقوموا بالاعتداء عليه.
3. طريقة ضرب الأعناق في الإسلام طريقة فيها رحمة وهي ضربة بالسيف وليس فيها التعذيب الذي نراه في التسجيل والذي ذبح فيه الإنسان بسكين عادية واجتزت عنقه ببطئ وهو مستلق على جنبه كالحيوانات.
4. لم يأمر عليه الصلاة والسلام بالقيام بمثل هذه التصرفات الهمجية ضد المدنيين بل كان حتى المحارب يؤمّن على نفسه في حال نطقه بالشهادتين .. (أوشققت عن قلبه؟) حديث معروف جعل الرسول عليه السلام يغضب عندما قتل مسلم كافرا محاربا مسلحا بعد أن نطق الشهادتين!! وكأنه عليه السلام كان يأمر بالكف عن دمه بعد أن نطق الشهادتين وتركه لله عز وجل ليحكم فيه لأنه أخبر بسريرته. فكيف بقتل مدني مسالم أعزل لم يرفع سلاحا في وجه المسلمين؟

والله إني بمعرفتي الفطرية للإسلام أجزم أن مايقوم به هؤلاء الأدعياء لا يرضي الله تعالى ولا رسوله .. وأنهم بفهمهم السقيم للإسلام ونصوصه يجنون على هذا الدين وعلى هذه الأمة ويسدون خدمة جلى لأعداء الدين وينفرون الناس من الإسلام ويكرهونهم به وويل له من الله يوم لا ينفع مال ولا بنون! اللهم إنا نعوذ بك من الضلالة بعد الهدى ونعوذ بك أن نحمل أوزار غيرنا ودماءهم ونسألك أن تكفينا شرور المجرمين وتنصر دينك الحق على كل الحاقدين والكائدين .. اللهم آمين.