السعادة والمال.. نظرة واقعية

شاهدت باهتمام الحلقة التي عرضت الأسبوع الماضي في برنامج أوبرا الشهير والتي استضافت فيه الكوميديان المشهور (ديفيد شابيل) والذي كان يقدم برنامجه الخاص المسمى (شابيل شو) وكان محور الحلقة الحدث الذي صار حديث الشارع في وقته وهو أن ديفيد شابيل ترك عرضا تجاريا قيمته خمسون مليون دولار واختفى بدون أن يعرف إلا المقربون منه مكانه .. سافر إلى أفريقيا ليريح باله قليلا وكان ملخص ما قاله هو أنه كلما مضى قدما في عالم الشهرة والمال كلما زاد الذين من حوله من جشعهم وطمعهم به وبأمواله .. فترك لهم كل هذا لأنه لم يرد أن تتحول حياته إلى حياة مادية بحتة جريا وراء المال فقط .. لقد أحب ادخال الضحك والابتسامة إلى قلوب الناس ولم يحب أن يغير المال شخصيته فترك الملايين خلفه وسافر ..

قلت لزوجتي بعد انتهاء الحلقة .. أظن أنني مستعد لأن أصنع مثل ما صنعه ديفيد شابيل وأن أترك الملايين خلفي عندما تبدأ المادة تحكمها بي وبحياتي الخاصة وبأصدقائي وبكل تفاصيل حياتي .. وفكرت بعدها بمبدأ أن المال لا يجلب السعادة .. ولكن لدي ملاحظة حول هذه العبارة .. فمثلا .. كثرة المال لا تجلب السعادة عندما يشغل المال صاحبه عن أحبائه وأهله وعائلته .. عندما يقلق دائما على ثروته ويسعى دائما إلى مضاعفتها .. فهنا تتحول المادة إلى نقمة على صاحبها ولا تمنحه السعادة .. وإن منحته سعادة فإنها مؤقتة وغير عميقة في مفعولها وملمسها ..

أما عن نظريتي عن السعادة والمال .. فأظن أنه على سبيل المثال .. لو توفر لدي مال يفيض قليلا عن حاجتي بحيث لا أجري وراءه دائما .. ولا أخاف عليه من السرقة والضياع .. ولا يكون كثيرا لدرجة أن يغير من نظرة من حولي لي .. فيمكن أن يمنحني سعادة أكثر من سعادتي بدونه .. فيمكن أن يوفر لي ولعائلتي مزيدا من وسائل الترفيه .. مزيدا من المرح ومزيدا من راحة البال فهنا المال يشتري السعادة .. ولكن القليل منه وليس الكثير .. فمن يوافقني في هذا الرأي؟

عندما يقول لي أحد بعد اليوم أن المال لا يجلب السعادة .. سأقول له .. القليل من فائض المال يجلب السعادة، ولكن كثيره يجلب التعاسة والشقاء والتعب والقلق... وصدق المثل القديم ..كل ما زاد عن حده انقلب إلى ضده