يوميات ساخرة عن جنون حياتنا ومفارقاتها

١٢/١٥/١٤٢٦

الصعود إلى الهاوية



منذ سنين عديدة، ومن أول اطلاع لي على أدب الدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي، وأنا أجد نفسي في شخصيته، وأتخيل أنه لو مرت بي الفرص التي مرت به فسوف يكون تعاملي كما تعامل هو معها. لقد قرأت أكثر كتبه ولعشرات المرات، فـ (العصفورية) مثلا قرأتها ما لا يقل عن مائة مرة، ورواية (7) قرأتها أكثر من سبعين مرة، و(شقة الحرية) مالا يقل عن عشر مرات، وغيرها الكثير الكثير مما قرأ أكثر من مرتين أو ثلاث مرات على الأقل.. واستطيع أن أقول بعد معرفتي لهذا الرجل من قرائتي له ما يلي:

1. إن هذا الرجل ضحية لقرار سياسي وضعه على طريق الهاوية، فقد كانت شعبيته في أوجها عندما كان في الوزارة، ومحبوه بالملايين داخل السعودية وخارجها واستمروا على حبهم له عندما تحول إلى (سعادة السفير) ولكن، عندما قبل القرار السياسي بإعادته إلى سلك الوزارة، فأظن أن قبوله لهذا العمل مجددا هو بداية النهاية لهذه الشعبية وهذا الحب من الناس.
إن الوزارة التي يشغلها الدكتور غازي القصيبي حاليا هي ما يطلق عليه في الغرب مصطلح (ديث ويش) أو اذا صح التعريب (أمنية الموت) والتي تعني الخيار الذي ينتج عنه عكس ما يتمناه المرء. فأمنية الموت هذه قتلت كل ما للدكتور من شعبية لدى الناس (في المملكة فقط) وجعلت له من الذامين والقادحين أكثر من المادحين والمعجبين، فليته قال (لا) وختم حياته بالمسك بدل أن يختمها بما هي عليه الآن!!

2. لطالما سألت نفسي، إن قابلت الدكتور غازي فماذا سأقول له؟ وقد عرفت السؤال المثالي الذي أود أن أطرحه على الدكتور وأتمنى أن يكون لديه إجابة شافية منطقية كعادة كل إجاباته: السؤال يتعلق بالبحث المستمر في كتبه عن إيجاد (الديمقراطية)المثالية في الدول العربية، والرغبة في إصلاح أوضاع المواطن المعيشية والاجتماعية لتصبح مثيلة لما هي عليه في الدول المتقدمة (وأكرر، الأوضاع المعيشية وليس الدينية) وقد سأل بطل العصفورية أكثر من مرة وقارن بين أنواع الديمقراطيات المختلفة في جميع أنحاء العالم، ولكن سؤالي يأتي هنا: فلماذا يا دكتور لم تقم بطرح فكرة الديمقراطية الإسلامية كحل لمشكلات المواطن؟ هل تظن يا دكتور أن خير القرون والقرنان التاليان له كانا لا يتمتعان بمزايا الديمقراطية الحقة؟ فالقرآن أتى بمبدأ (الشورى) والحديث الشريف حث على الاستشارة والرسول عليه الصلاة والسلام ثم الخليفتان الراشدان من بعده كانوا لا يقررون في أمر لم يرد فيه نص إلا باستشارة كبار الصحابة والذي كانوا (البرلمان) في ذلك العصر، ودستور الجميع هو (القرآن والسنة) وكانت تلك القرون هي خير القرون بشهادة المصطفى عليه الصلاة والسلام.. فكيف ترى هذه التجربة الديمقراطية؟ هل هي تجربة ناجحة يصح أن نجعلها مثالا نحاول الاقتداء به أم هي تجربة فاشلة؟ أود ومن كل قلبي أن أسمع إجابة الدكتور غازي القصيبي التفصيلية عن هذا الموضوع وأتمنى أن لا يكون كما يقول عنه البعض (علمانيا) يرى أن الدين لا يصلح للدولة وأتمنى أن يكون دائما عند حسن ظني به وأن يختم الله له ولنا بالعمل الصالح إنه على كل شيء قدير.